أمضى رئيس شعبة الاستخبارات في الجيش الإسرائيلي، الجنرال يئير كوخافي، طيلة العامين الماضيين في التحذير من مخاطر انزلاق الثورة السورية، ومن الحرب بين المعارضة المسلحة والنظام في سورية على الداخل الإسرائيل وتهديد حدودها الشمالية، ومع أن التقديرات كانت تشير إلى أن إمكانية تحقق هذا السيناريو لا تزال بعيدة، وهناك متسع من الوقت، إلا أن سيطرة المعارضة المسلحة على الجانب السوري من معبر القنيطرة في هضبة الجولان أعادت الموضوع إلى الأجندة الإسرائيلية، لا سيما في ظل الحديث عن تحركات دولية واحتمال تنسيق هذه التحركات مع النظام لمواجهة تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش).
وفي هذا السياق، ومع سقوط أكثر من قذيفة هاون في الجانب المحتل من الجولان، وإصابة ضابط إسرائيلي ومدني، اعتبر المحلل العسكري لصحيفة "هآرتس"، عاموس هرئيل، أن الجهاديين باتوا على الحدود.
وأضاف هرئيل أن رجال الاحتياط الذين توجهوا قبل شهر ونصف إلى الجبهة في غزة، وعادوا إلى الهضبة السورية المحتلة، اكتشفوا أن الصورة في الطرف السوري من الحدود تغيرت، وأن عناصر "جبهة النصرة" حلّوا مكان جنود النظام وقوات أخرى من الثوار، وتمركزوا عند الحدود الجنوبية الغربية قرب السياج الحدودي الإسرائيلي.
ومع أن هرئيل يستعرض التطورات الميدانية في سورية وكل ما يتعلق بنشاط "داعش"، إلا أنه يشير نقلاً عن ضباط إسرائيليين في القيادة الشمالية لجيش الاحتلال، إلى رصد بوادر تفيد بوصول عناصر من "داعش" إلى القرى القريبة من الحدود الإسرائيلية، لكن الأهم من ذلك، هو رصد تصريحات التضامن من قبل زعماء دينيين في هذه القرى تؤيد تنظيم "داعش" مع رفع راية التنظيم من حين لآخر في تلك القرى.
وبحسب هرئيل، فإن التقديرات لا تستبعد أن يكرر التنظيم ما حدث في العراق من نسج تحالفات محلية مع القرى والبلدات القريبة من الحدود، دون أن تكون هذه البلدات مؤيدة بالضرورة لمشروع التنظيم وآرائه.
ويقول ضابط إسرائيلي رفيع المستوى إن حضور تنظيم "الدولة الإسلامية" بات ملموساً وبشكل قوي في المنطقة الحدودية، وكل شيء يتغير باستمرار حتى في العلاقات بين تنظيمات الثوار أنفسهم. وقد بات الجانب السوري من الحدود "مصبوغاً بخمسين طيفاً من أطياف اللون الأسود".
وتشير "هآرتس" إلى أنه يكاد لا يوجد أي انتشار أو تواجد للجيش السوري على الحدود مع إسرائيل، وهو وضع جديد ومن الصعب هضمه بعد 65 عاماً. بل إن الفرقة 61 في الجيش السوري التي كانت تحافظ على الحدود وعلى هذا القطاع، "تبخّرت فجأة" بعد أن تكبدت خسائر ثقيلة.
وبحسب هرئيل، فقد كان رئيس أركان الجيش الإسرائيلي بادر قبل عامين إلى خطوتين جوهريتين، الأولى تحسين وتحصين السياج الحدودي مع سورية، والثانية هي تخصيص فرقة كاملة جديدة كُلّفت بمراقبة الحدود مع سورية وضبطها.
وتُشكّل مراقبة إسرائيل للأحداث الجارية في الجهة السورية من الحدود، ومتابعتها على مدار الساعة، جزءاً من الاستعدادات لمواجهة سيناريوهات اختراق الحدود وتسلّل مجموعات جهادية وسلفية دينية إلى إسرائيل لتنفيذ عمليات نوعية فيها.
وكان محللون في إسرائيل اعتبروا في سياق تلخيصهم للعدوان على غزة، أن ما حدث في القطاع وما طوّرته المقاومة الفلسطينية مقابل الرد الإسرائيلي، لا سيما في مجال حرب الأنفاق والصواريخ، لم يغب عن أنظار وعيون "الأطراف الأخرى في المنطقة وتحديداً على الحدود الشمالية، سواء في لبنان أم في سورية".